في حالة تنفيذ برنامج أو حدث من شأنه أن يُعِيق التشغيل اليومي، قد تُضطر المنظمات في كثير من الحالات إلى اعتماد ممارسات إدارة التغيير من أجل ضمان التنفيذ الناجح لتغييرٍ مُعين.
وكذلك التحكم في المُقاومة الطبيعية للتغييرات من قِبل العاملين؛ والتي يمكن أن تتسبب في بطء تنفيذ تغييرٍ مهم أو حتى فشله. وهنا يمكن لإدارة التغيير إعداد وتجهيز ودعم الأفراد في نفس الوقت ليقوموا بتبني التغيير و إنجاحه من أجل تعزيز نجاح المنظمة ككل وتمكينها من تحقيق النتائج المرجوة.
ورغم أن كل تغيير يمكن أن يكون ذا طبيعة فريدة، فقد تبين من خلال عقود من الأبحاث ودراسات الحالة أن هناك إجراءات يمكن أن تتخذها المنظمة لتحقيق الانتقال السلس خلال التغييرات.
وسيتضمن تبني إدارة التغيير اتباع منهجية مُنظمة تدعم الأفراد داخل المنظمة لقبول التغيير والانتقال من وضعهم الحالي إلى الوضع المستقبلي (المُستهدف).
هناك 3 مستويات للتغيير الإداري:
إدارة التغيير على مستوى الأفراد
إن الأفراد هم الأساس المُطْلَق للمنظمة، ومع أن مقاومة التغيير هي رد الفعل الطبيعي للبشر، فإن وضع نظامٍ لإدارة التغيير يدعم المنظمة في أوقات التغيير؛ الأمر الذي يمكن أن يجعل العاملين مُتكيفين وناجحين بشكلٍ فعال.
تتطلب إدارة التغيير الفردي فهمَ كيفيةِ تعامل الأفراد مع التغيير وما يحتاجونه لتنفيذ التغيير بنجاح. ويتطلب الأمر أيضًا معرفة ما الذي سيساعد الأفراد على الانتقال بنجاح وما هي الرسائل التي يحتاج الأفراد إلى سماعها، ومتى ومِمَن، وما هو التوقيت الأمثل لتعليم شخص ما مهارة جديدة، وكيفية تدريب العاملين على إظهار سلوكيات جديدة، وما الذي يجعل التغيير جزءً طبيعياً من عمل شخص ما. وتعتمد إدارة التغيير الفردي على تخصصات مثل علم النفس وعلم الأعصاب لتطبيق أُطر عمل قابلة لتنفيذ التغيير الفردي.
إدارة التغيير على مستوى المنظمة/المُبادرة
عندما يحدث التغيير على المستوى الفردي، يستحيل على فريق المشروع في كثير من الأحيان إدارة التغيير على أساس “كل شخص على حدة”. وتزودنا إدارة التغيير على مستوى المنظمة/المُبادرة بالخطوات والإجراءات التي يجب اتخاذها على مستوى المشروع لدعم المئات أو الآلاف من الأفراد المشاركين في المشروع.
وتتضمن إدارة التغيير على مستوى المنظمة أولاً إجراء عملية المسح وتحديد المجموعات والأفراد الذين سيحتاجون إلى التغيير نتيجة للمشروع، وما هي التغييرات اللازمة. ثم تتضمن إدارة التغيير على مستوى المنظمة إنشاء خطة مُخصصة للتأكد من حصول الموظفين المتأثرين بالتغيير على التوعية والقيادة والتدريب الذي يحتاجونه من أجل تنفيذ التغيير بنجاح.
المرحلة 1 – الإعداد للتغيير
|
المرحلة 2 – إدارة التغيير
|
المرحلة 3 – تعزيز التغيير
|
إن إدارة التغيير التنظيمي تُعد مُكملة لإدارة المشروع لديكم، وتضمن إدارة المشروع تصميم حل المشروع الخاص بكم وتطويره وتسليمه، في حين تضمن إدارة التغيير تَبني واعتماد واستخدام حل مشروعكم بشكلٍ فعال.
القدرات المؤسسية على إدارة التغيير
تُعد القدرات المؤسسية على إدارة التغيير مهارة أساسية تنظيمية توفر التَميُّز التنافسي والقدرة على التكيف الفَعَّال مع العالم الدائم التَغَيُّر. وإن القدرات المؤسسية على إدارة التغيير تعني دمج إدارة التغيير الفعالة في أدوار المنظمة وهياكلها وإجراءاتها ومشاريعها وكفاءاتها القيادية. ويتم تطبيق عمليات إدارة التغيير على المبادرات بشكلٍ مُتسق وفَعَّال، حيث يمتلك القادة المهارات اللازمة لتوجيه فِرق العمل خلال التغيير، وحيث يعرف الموظفون ما يمكن أن يطلبوه ليكونوا ناجحين.
إن النتيجة النهائية لقدرات المؤسسة على إدارة التغيير هي قيام الأفراد بتبني التغيير بسرعة وفعالية أكبر، وجعل المنظمات قادرة على الاستجابة السريعة لتغيرات السوق، وتبني المبادرات الإستراتيجية، واعتماد تقنيات جديدة بسرعة أكبر ومع تأثير أقل على الإنتاجية. علماً بأن هذه القدرة لا تتوفر مصادفةً، بل تتطلب نهجاً استراتيجيا لتضمين إدارة التغيير عبر المؤسسة.
ويتفق أنجيلو ماكنيف، الاستشاري وأخصائي علم نفس الأعمال مع ما سبق، وقد سرد خمسة أسباب تجعل إدارة التغيير مهمةً للغاية.
ووفقًا لـ McNeive تقوم إدارة التغيير بتطوير منظمة رشيقة يمكنها مواجهة الطلب السريع والمُعَقَّد.
حيث يقول: “ربما تقومون بتقديم تقنية لتمكين العمل المَرن، أو إعادة هندسة أحد إجراءات العمل أو تحويل تجربة العملاء. ومن المحتمل أن تواجه المنظمة ضغوطاً للتغيير على جبهات متعددة في نفس الوقت”.
وهنا تؤدي إدارة التغيير تلقائيا إلى زيادة احتمال نجاح المشروع. ويضيف McNeive في الواقع: “تشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن إدارة التغيير تزيد بشكلٍ كبير من احتمالية تسليم مشروعكم للنتائج المُستهدفة منه. وهناك أيضاً عوامل ثابتة تلعب دوراً حاسماً مثل جودة الرعاية، وامتلاك الموارد اللازمة لإدارة التغيير وتكامل إدارة التغيير مع إدارة المشروع. وإن تطوير معرفتكم ومهاراتكم في مجال إدارة التغيير يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.
ويقال أيضاً أن إدارة التغيير تزيد من تبني التغيير، الذي يمكن أن يؤدي غيابه إلى الفشل في تسليم النتائج، حتى لو تم التنفيذ بشكلٍ جيد من الناحية الفنية. وتعمل الإدارة الفعالة للتغيير على الحد من انخفاض الإنتاجية أثناء عملية التغيير وزيادة مستويات التبني بشكل ملحوظ، مما يُعزز العائد على الاستثمار وتحقيق الفوائد المستهدفة.
ويعتقد أنجيلو ماكنيف أيضًا أن إدارة التغيير تعزز تأثير إدارة المشروع إلى حدٍ كبير، الأمر الذي يُعد استثماراً حقيقياً في بعض المنظمات. وهو يعتقد أن تعزيز أدوات إدارة المشروع باستخدام إدارة التغيير يجعلهما من التخصصات التكميلية، التي ستزيد من فرص النجاح تمامًا بمجرد إدماجها جيدًا.
ويضيف في النهاية أن “إدارة التغيير” يمكنها تغيير تكاليف المشروع ومخاطره بشكلٍ جذري نظرًا لأنها عبارة عن مجموعة إضافية من العيون المُكلفة بمكافحة مقاومة التغيير والمراحل الأساسية الغائبة وأي احتمال للفشل في تحقيقه التغيير.
ويضيف: “بالنسبة لمنظمتكم، يمكن أن تكون التأثيرات غير المباشرة للإدارة السيئة للتغيير أكثر أهمية. ويمكن أن تكون بعض الآثار السلبية أكثر إلحاحًا مثل تكاليف الفرصة، وخفض الروح المعنوية، وزيادة التَغيُّب عن العمل، وفقدان الموظفين المهمين.”
والآن، يمكن أن يتطلب تنفيذ إدارة التغيير ما يصل إلى 8 خطوات.
- تحديد ما الذي يجب أن يتم تحسينه: نظرًا لأن معظم التغييرات تحدث لتحسين عملية أو منتج أو نتيجة ما، فمن الأهمية بمكان تحديد التركيز وتوضيح الأهداف. ويشمل ذلك أيضًا تحديد الموارد والأفراد الذين سيقومون بتسهيل العملية.
- تقديم دراسة “حالة العمل” قوية لأصحاب المصلحة: هناك العديد من مستويات أصحاب المصلحة. وجميعهم لديهم توقعات وتجارب مختلفة، ويجب أن يكون هناك مستوى عالٍ من “المشاركة” من جميع الأطياف. وإن عملية تحقيق مشاركة مختلف المكونات تختلف مع إطار عمل كل تغيير، لكنها جميعاً تقدم خططاً تتطلب الوقت والصبر والتواصل.
- خطة التغيير: هي “خارطة الطريق” التي تُحدد البداية والمسار الواجب اتخاذه والوجهة. ويجب دمج الموارد والاستفادة منها في الخطة، وكذلك النطاق والتكاليف. ويتمثل أحد العناصر الأساسية للتخطيط في توفير إجراءٍ متعدد الخطوات، بدلاً من التغييرات “الشاملة” المفاجئة وغير المخطط لها.
- توفير الموارد واستخدام البيانات للتقييم: كجزءٍ من عملية التخطيط، يُعد تحديد الموارد والتمويل عنصرين حاسمين للنجاح. وهذا يمكن أن يشمل البنية التحتية والمُعدات وأنظمة البرمجيات. وعليك أن تضع في اعتبارك أيضًا الأدوات اللازمة لإعادة التعليم، وإعادة التدريب، وإعادة التفكير في الأولويات والممارسات.
- التواصل: هذا هو “الخيط الذهبي” الذي يمتد عبر الممارسة الكاملة لإدارة التغيير. ويعتمد تحديد وتخطيط وتنفيذ خطة جيدة لإدارة التغيير على التواصل الجيد. وهناك حقائق نفسية واجتماعية متأصلة في ثقافات المجموعة. ولقد قامت الجهات المعنية بتحديد مجموعات من المهارات والمعارف والخبرات. ولكن لديها أيضًا طلبات مزعجة وخبرات وعادات مؤسسية تلزم معالجتها. ويُعد توفير خطوط اتصال واضحة ومفتوحة طوال العملية عنصرًا حاسمًا في جميع أشكال التغيير.
- مراقبة وإدارة مقاومة التغيير وعلاقات الترابط والاعتمادية ومخاطر الميزانية: إن المقاومة جزء طبيعي جدًا من إدارة التغيير، ولكنها يمكن أن تهدد نجاح المشروع. وتظهر معظم هذه المقاومة بسبب الخوف من المجهول. ويحدث هذا أيضًا بسبب وجود قدر لا بأس به من المخاطر المرتبطة بالتغيير – خطر التأثير على علاقات الترابط والاعتمادية، والعائد على مخاطر الاستثمار، والمخاطر المرتبطة بتخصيص الميزانية لشيء جديد. إن التَوَقُّع والإعداد للمقاومة عن طريق تزويد القيادة بالأدوات اللازمة لإدارتها سيساعد في تحقيق دورة حياة سلسة للتغيير.
- الاحتفال بالنجاح: يُعد التعرف على إنجازات المراحل الأساسية جزءً أساسياً من أي مشروع. وعند إدارة التغيير خلال دورة حياته، من المهم الاعتراف بنجاح الفرق والأفراد المشاركين. وسيساعد هذا في اعتماد كلٍ من: عملية إدارة التغيير وكذلك تبني التغيير نفسه.
- التقييم والمراجعة والتحسين المستمر: بقدر ما يكون التغيير صعبًا أو حتى مؤلمًا، فهو أيضًا عملية مستمرة. ويتم ضبط استراتيجيات إدارة التغيير عادة خلال المشروع. وكما هو الحال مع الاتصالات، يجب أن يتم نسج هذا كله خلال جميع الخطوات لتحديد وإزالة المُعوقات. وكما هي الحاجة إلى الموارد والبيانات، فإن هذه العملية جيدة ومهمة مثل الالتزام بالقياس والتحليل.