لا يمكننا أن ننكر أن الكثير من مديري المشاريع ما زالوا غير معتادين على ماهية إدارة التغيير (CM) في الواقع، وأنهم لا يزالون مُشوشين بين مَفهومَي التغيير (change) وإدارة التغيير (change management)!
لذلك قبل أن نناقش ضرورة تكامل إدارة التغيير مع إدارة المشاريع لديكم، دعونا نُدقق أكثر في الفَرق الكبير والمهم بين “التغيير” و “إدارة التغيير”.
وفقاً لـPROSCI يتعلق التغيير بالانتقال إلى “وضع مستقبلي” بينما تدور “إدارة التغيير” حول دعم الموظفين الأفراد المُتأثرين بالتغيير أثناء انتقالهم من وضعهم الحالي إلى الوضع المُستقبلي.
يركز التغيير على الانتقال إلى وضع مستقبلي مَرجو، بينما تهتم إدارة التغيير بدعم الموظفين الأفراد المُتضررين من التغيير خلال انتقالهم من وضعهم الحالي إلى وضعهم المستقبلي.
وينبغي أيضاً فهم وتمييز أدوار كل من “مدير المشروع” (PM) ومدير التغيير (CM) حيث تتلاقى طرقهم أحياناً وتتعارض في بعض الأحيان.
- وفقاً لمعهد إدارة المشاريع (PMI)، مدير المشروع هو المسؤول عن نجاح أو فشل المشروع؛ فهو المسؤول عن تخطيط المشروع وتنفيذه وإغلاقه. وعلاوة على ذلك، فإن مدير المشروع مسؤول أيضاً عن إدارة الفِرق، وضمان تقدم سير العمل وتحفيز أعضاء فريق المشروع. كما أنه المسؤول عن ضمان توافق أهداف المشروع مع متطلبات/توقعات أصحاب المصلحة الأساسيين.
- وفقاً لـ PROSCI، يؤدي “مدير التغيير” دوراً أساسياً في ضمان تحقيق المشاريع (مبادرات التغيير) للأهداف المرجوة منها في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية المُخصصة لها من خلال زيادة مشاركة الموظفين والتزامهم؛ حيث يركز مدير التغيير على التغيير في الجانب المُتعلق بالأشخاص، بما في ذلك التغييرات في إجراءات العمل والأنظمة والتقنية والأدوار الوظيفية والهياكل التنظيمية.
وبينما يُعتبر التكامل بين تَخصصَي “إدارة المشاريع” و “إدارة التغيير” أمراً لا بد منه لنجاح المشروع، إلا أنه كثيراً ما يُنظر إليهما على أنهما عنصرين مُنفصلين وغير مُتساويين في مبادرات الأعمال الناجحة؛ والمشكلة هي أن إدارة المشاريع غالباً ما تَحصل على نصيب الأسد من اهتمام أصحاب المصلحة، في حين أن إدارة التغيير غالباً ما يتم إهمالها وتجاهلها. وكما ذكرنا أعلاه، يمكن أن يُسبب هذا الأمر مشاكل كثيرة لأن إدارة التغيير تمثل نسبة الـ 80٪ وهي التي تسهم بالقدر الأكبر في نجاح المبادرة.
فمن خلال تجربتي العملية في تتبع التحول في المملكة العربية السعودية كاستشاري قيادي في شركة “ديفوتيم” وإنشاء وتنفيذ استراتيجيات وخطط إدارة التغيير للمبادرات الاستراتيجية لبرامج رؤية “المملكة 2030″، أدركت أن الرعاة الأساسيين في معظم مكاتب تحقيق الرؤية (VROs) يضعون الكثير من التركيز على إدارة المشاريع مع إهمال إدارة التغيير؛ وعموما فإن التحول التاريخي الأعلى جودة الذي تستهدفه رؤية 2030 قد يتأثر إذا لم يتم تبني إدارة التغيير بالكامل واعتمادها من قِبل الجميع في نهاية المطاف.
“تضمن إدارة المشروع تصميم المشروع وتطويره وتسليمه بنجاح؛ وتضمن إدارة التغيير تَبني المشروع وتطبيقه واستخدامه من قِبل المُستهدفين بالتغيير أو المُستفيدين منه”.
وهذا يفسر لماذا يتم تشجيع الجهات المانحة لشهادات إدارة المشاريع (PM) مثل معهد إدارة المشاريع (PMI) بِشدة على إدراج التعليم الخاص بإدارة التغيير التنظيمي (OCM) في عملية إصدار الشهادات لمديري المشاريع (PMs) الجُدد ليصبح مطلوباً منهم أن يكونوا مُلمين بإدارة التغيير التنظيمي (OCM).
وهذا ببساطة يعني أن دمج إدارة التغيير (CM) وإدارة المشاريع (PM) يدور حول سد الفجوة بين التقسيم والاستخدام الكفء على نطاق واسع. وتدعو PROSCI هذا الجهد المشترك لتحقيق تغيير مُستدام وتحسين الأداء العام للمنظمة عرضاً مُوحداً للقيمة.
وقد مثلت جائحة COVID-19 على مستوى العالم تحدياً للمنظمات في إدارة مشاريعها بطرقٍ جديدة. فعلى المدى القصير، تواجه المنظمات تغييرات هائلة في نطاق خطط أعمالها. وعلى المدى الطويل، يجب أن تتكيف مع أهدافها الأصلية وأن تستمر في إحراز التقدم بشأنها.
وبشكلٍ أساسي، عندما تكون هناك حاجة إلى تغييرٍ ما، تقوم المنظمة باختيار الأدوات المناسبة وتنفيذها لإدارة عمليات التغيير. وخلال رؤية 2030 أنجزت الوزارات تغييرات بمبادراتٍ مُحددة الأهداف لتحقيق نتائج فعالة وتقدم تنظيمي، مما أنشأ ممارسةً حديثةً نموذجية لتنفيذ التغيير التنظيمي كعمليةٍ مستمرةٍ في سياق دورة حياة المشروع. ولذلك، يجب أن تبدأ “إدارة التغيير” في كلِ مبادرةٍ على حدة قبل بدء المشروع وأن تستمر بعد إغلاق المشروع، وأن يتم تعزيز وقياس إدارة التغيير في مرحلة التطبيق.
ومن القضايا الأساسية في إدارة المشاريع الحديثة تحقيق الإدارة الفعالة للتغيير التنظيمي من خلال تنفيذ المشاريع المستهدفة، وهذا ينطبق بشكلٍ خاص على مشاريع ومبادرات رؤية 2030 التي تقوم في الواقع بدمج إدارة التغيير ضمن إدارة المشروع في نظامٍ مُتكامل.
وتبين الإحصاءات التالية أثر التركيز الزائد على إدارة المشاريع مع إهمال إدارة التغيير.
إن السبب الأول لفشل المشاريع هو ضعف الرعاية (poor sponsorship).
إن نسبة 70٪ من جهود التغيير تفشل بسبب التركيز المُفرِط على عملية المشروع بدلاً من الجوانب المتعلقة بالعنصر البشري.
إن نسبة 58٪ من المشاركين الذين قاموا بدمج إدارة التغيير وإدارة المشروع ضمن مشروعهم قد نجحوا في تحقيق أو تجاوز أهداف المشروع.
إن السبب الثاني لفشل مبادرات المشاريع يرجع إلى عدم وجود منهجية لإدارة التغيير ضمن إطار المشروع.